فصل: ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت ست عشرة وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن أبا طاهر الهجري دخل إلى الرحبة فوضع السيف في أهلها وأن أهل قرقيسيا طلبوا من الأمان فآمنهم ونادى فيهم أن لا يظهر أحد بالنهار وأنفذ أبو طاهر سرية إلى الاعراب فقتل منهم مقتلة عظيمة فصاروا إذا سمعوا به هربوا وقصد الرقة وقتل بها جماعة ثم انصرف إلى بلده‏.‏

ولما رأى علي بن عيسى تحكم الهجري في البلاد وعجز السلطان عنه استعفى من الوزارة وكانت مدة وزارته هذه سنة وأربعة أشهر ويومين‏.‏

وكان المقتدر بالله يتشوف إلى معرفة خبر الهجري ولم يكن أحد يكاتبه بشيء من أخباره إلا الحسن بن إسماعيل الاسكافي عامل الأنبار فإن كتبه كانت ترد في كل أيام إلى علي بن عيسى فينهيها فأقام أبو علي بن مقلة اطيارًا وكوتب عليها بأخبار الهجري وقتًا فوقتًا وكان ينفذها إلى نصر الحاجب فيعرضها فجعل نصر الحاجب يطري ابن مقلة ويقول للمقتدر إذا كانت هذه مراعاته بأمورك ولا تعلق له بخدمتك فكيف إذا اصطنعته وتستوزره‏.‏

ولما رجع أبو طاهر القرمطي إلى بلده بنى دارًا وسماها دار الهجرة ودعا إلى المهدي وتفاقم أمره وكثر اتباعه وحدثته نفسه بكبس الكوفة وهرب عمال السلطان في السواد وكان أصحابه يكبسون القرى فيقتلون وينهبون فبعث المقتدر إلى محاربتهم هارون بن غريب إلى واسط وصافي البصري إلى الكوفة فقتل هارون منهم جماعة وحمل مائة وسبعين رأسًا وجماعة أسارى وأوقع صافي بمن خرج إليه واستأسر منهم وادخلوا بغداد على الجمال مشتهرين ومعهم أعلام بيض منكسة وعليها مكتوب ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض الآية فقتلوا واستقام أمر السواد‏.‏

وزادت دجلة بغتة زيادة مفرطة قطعت الجسور ببغداد وغرق من الجسارين جماعة وبلغت زيادة الفرات اثني عشر ذراعًا وثلاثين‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق المعمري الكوفي حدث عن أبي كريب والحسن بن عرفة وغيرهما وكان أحد الشهود وأحد الوجوه وبلغ سنًا عالية ثم توفي ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد أبو الحسن الزاهد ويعرف‏:‏ بالحمال سمع الحسن بن عرفة وغيره وكان ثقة زاهدًا متعبدًا وسكن مصر وكانت له منزلة عند الخاصة والعامة وكان لا يقبل من السلطان شيئًا وكانوا يضربون بعبادته المثل‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر الخطيب حدثنا أبو نعيم الحافظ قال‏:‏ سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول‏:‏ سمعت الحسن بن أحمد الرازي يقول‏:‏ سمعت أبا علي الروذباري يقول‏:‏ كان سبب دخولي مصر حكاية بنان وذلك أنه أمر ابن طولون بالمعروف فأمر أن يلقى بين يدي السبع فجعل السبع يشمه ولا يضره فلما اخرج من بين يدي السبع قيل له‏:‏ ما الذي كان في قلبك حيث شمك السبع قال‏:‏ كنت اتفكر في سؤر السباع ولعابها‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي قال‏:‏ أخبرني عبد الملك بن ابراهيم القشيري حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الأردني حدثنا عمر بن محمد بن عراك‏:‏ أن رجلًا كان له على رجل مائة دينار بوثيقة إلى أجل فلما جاء الأجل طلب الوثيقة فلم يجدها فجاء إلى بنان فسأله الدعاء فقال له‏:‏ أنا رجل قد كبرت وأنا أحب الحلوى فاذهب فاشتر لي رطل معقود وجئني به حتى أدعو لك فذهب فاشترى له ما قال ثم جاء به فقال له بنان‏:‏ افتح القطاس ففتح الرجل القرطاس فإذ هو بالوثيقة فقال لبنان‏:‏ هذه وثيقتي فقال‏:‏ خذ وثيقتك وخذ المعقود وأطعمه صبيانك فأخذه ومضى‏.‏

داود بن الهيثم بن اسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو سعد التنوخي الأنباري سمع جده اسحاق وعمر بن شبة روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان فصيحًا نحويًا لغويًا حسن العلم بالعروض واستخراج المعمى وصنف كتبًا في اللغة والنحو على مذهب الكوفيين وله كتاب كبير في خلق الإنسان وكان أخذ عن يعقوب بن السكيت وثعلب وكان يقول الشعر الجيد‏.‏

ولد بالأنبار وتوفي بها في هذه السنة وله ثمان وثمانون سنة‏.‏

الزبير بن محمد بن أحمد بن سعيد أبو عبد الله الحافظ سمع عباسًا الدوري وعبد الله بن أبي سعد الوراق روى عنه الطبراني وابن شاهين وكان ثقة وتوفي في هذه السنة‏.‏

عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر ابن أبي داود السجستاني محدث العراق وابن امامها في عصره ولد سنة ثلاثين ومائتين وحدثه أبوه وطوف به شرقًا وغربًا وسمعه من علماء الوقت وصنف الكتب وكان عالمًا فهمًا من كبار الحفاظ نصب له السلطان منبرًا فحدث عليه وكان في وقته مشايخ علماء لكنهم لم يبلغوا في الإتقان ما بلغ وكان عيسى بن علي بن عيسى الوزير يحدث في داره فيقول‏:‏ حدثنا البغوي في ذلك الموضع ويشير إلى بقعة في الدار وحدثنا ابن صاعد ويشير إلى بقعة فيقول‏:‏ في ذلك المكان فيذكر جماعة ويشير إلى مواضعهم فقيل له‏:‏ ما لك لا تذكر ابن أبي داود فقال‏:‏ ليته إذا مضينا إلى داره كان يأذن لنا في الدخول‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني أبو القاسم الأزهري قال سمعت أحمد بن ابراهيم بن شاذان يقول‏:‏ خرج أبو بكر بن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بن الليث فاجتمع إليه أصحاب الحديث وسألوه أن يحدثهم فأبى وقال‏:‏ ليس معي كتاب فقالوا له‏:‏ ابن أبي داود وكتاب قال‏:‏ فأثاروني فأميلت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي فلما قدمت بغداد قال البغداديون‏:‏ مضى ابن أبي داود إلى سجستان ولعب بالناس ثم فيجوا فيجًا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة فكتبت وجيء بها إلى بغداد وعرضت على الحفاظ فخطأوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت وثلاثة أحاديث أخطأت فيها‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال‏:‏ سمعت طلحة بن محمد بن جعفر يقول‏:‏ سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول‏:‏ مررت يومًا بباب الطاق فإذا رجل يعبر الرؤيا فمر به رجل فأعطاه قطعة وقال له‏:‏ رأيت البارحة كأني أطالب بصجاق امرأة ولم اتزوج قط فرج عليه القطعة وقال‏:‏ ليس لهذه جواب فتقدمت إليه فقلت له‏:‏ خذ منه القطعة حتى أفسر لك فأخذ القطعة فقلت للرجل‏:‏ أنت تطالب بخراج أرض ليست لك فقال‏:‏ هوذا والله معي العون‏.‏

توفي أبو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة وستة أشهر وأيام وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلي عيه ثمانين مرة حتى انفذ المقتدر بنازوك فخلص جنازته ودفن في مقابر باب البستان وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات‏.‏

محمد بن إسحاق أبو العباس الصيرفي الشاهد حكى عن الزبير بني بكار وتوفي في شوال هذه السنة‏.‏

محمد بن جعفر بن محمد بن المهلب سمع يعقوب بن ابراهيم الدورقي والحسن بن عرفة وغيرهما روى عنه أبو بكر الشافعي وابن المظفر الحافظ وكان ثقة ومات في هذه السنة‏.‏

محمد بن جعفر بن حمكويه أبو العباس الرازي قدم بغداد وحدث بها عن أبي حاتم الرازي ويحيى بن معاذ حكايات روى عنه أبوحفص الكتاني وغيره‏.‏

محمد بن جعفر أبو بكر العطار النحوي من أهل المخرم حدث عن الحسن بن عرفة وعباس الدوري روى عنه محمد بن المظفر وعلي بن عمر الدارقطني‏.‏

محمد بن جعفر بن حمدان أبو الحسن القماطري حدث عن أبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي وغيره روى عنه ابن المظفر والدارقطني‏.‏

محمد بن السري كان أحد العلماء المذكورين بالأدب وعلم العربية وصحب المبرد‏.‏

وروى عنه السيرافي والرماني وكان ثقة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا الخطيب أخبرنا علي بن أبي علي عن علي بن عيسى بن علي النحوي قال‏:‏ كان أبو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنفه فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين فقال‏:‏ هذا والله أحسن من كتاب المقتضب فأنكر عليه أبو بكر ذلك وقال‏:‏ لا تقل هذا وتمثل ببيت وكان كثيرًا ما يتمثل في ما يجري له من الأمور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ‏:‏ ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا بكاها فقلت الفضل للمتقدم قال‏:‏ وحضر في يوم من الأيام بني له صغير فأظهر من الميل إليه والمحبة له فأكثر فقال له بعض الحاضرين‏:‏ أتحبه فقال متمثلًا‏:‏ أحبه حب الشحيح ماله قد كان ذاق الفقر ثم ناله توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

نصر الحاجب‏:‏ حجب المقتدر بالله وتقدم عنده وكان دينًا عاقلًا وخرج إلى لقاء القرامطة محتسبًا فأنفق من ومات في هذه السنة فحمل إلى بغداد في تابوت‏.‏

 ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أن مؤنسًا المظفر دخل بغداد بعد أن لقيه عبد الله بن حمدان ثم من يراد للإمارة وأحكم معه ما أراد فدخل بيته ولم يمض إلى دار السلطان فمضى إليه أبو العباس ابن أمير المؤمنين ومحمد بن علي الوزير وعرفاه شوق أمير المؤمنين إليه فاعتذلا من تخلفه بعلة شكاها فأرجف الناس بتنكره ووثب الرجالة ببعض حاشيته فواثبهم أصحابه فوقع في نفس مؤنس أن هذا بأمر السلطان فجلس في طياره وصار إلى باب الشماسية وتلاحق به أصحابه وخرج إليه نازوك في جيشه فلما بلغ المقتدر ذلك صرف الجيش عن بابه وكاتب مؤنسًا وسائر الجيش بإزاحة عللهم في الأموال وخاطب مؤنسًا بأجمل خطاب وقال‏:‏ وأما نازوك فلست أدري ما سبب عتبه واستيحاشه والله يغفر له سيئ ظنه وأما ابن حمدان فلست أعرف شيئًا أحفظ له إلا عزله عن الدينور وإنما أردنا نقله إلى ما هو أجل منه وما لأحد من الجماعة عندي إلا ما يحب واستظهر كل واحد منهم لنفسه بعد أن لا يخلع الطاعة ولا ينقض بيعة فإني مستسلم لأمر الله عز وجل غير مسلم حقًا خصني الله به فاعل ما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا آتي في سفك الدماء ما نهى الله عز وجل عنه ولست انتصر إلا بالله‏.‏

فسمع العسكر هذا فقالوا‏:‏ نمضي فنسمع ما يقول فأخرج المقتدر جميع من كان يحمل سلاحًا وجلس على سريره في حجره مصحف يقرأ فيه وأمر بفتح الأبواب وأحضر بنيه فأقامهم حول سريره فصار المظفر إلى باب الخاصة ثم صرف الناس على حالة جميلة فسروا بالسلامة ورجع المظفر إلى داره فلما كان يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود أصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب في السلاح واخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه في السلاح فوجدوا الأبواب مغلقة فاحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة الفرسان اثني عشر ألفًا ومبلغ مالهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار والرجالة عشرون ألفًا ومبلغ مالهم عشرون ومائة ألف دينار فدخل نازوك وأصحابه الدار بخيلهم فدخل المظفر واخرج الخليفة وولده والسيدة إلى منزله ونهب الجند الدار ثم دخل المظفر بالقصر واجمع رأي نازوك وعبد الله بن حمدان على اجلاس محمد بن المعتضد فجاءوا به في ليلة السبت للنصف من المحرم فسلموا عليه بالخلافة ولقب القاهر بالله وقلد أبو علي بن مقلة وزارته ونازوك الحجبة مضافًا إلى الشرطة ونهبت دار السلطان ووجد لأم المقتدر ستمائة ألف دينار فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم واشهد على نفسه القضاة بالخلع وسلم الكتاب بذلك إلى القاضي أبي عمر محمد بن يوسف فسلمه إلى ولده أبي الحسين وقال له‏:‏ احفظه ولا يراه أحد من خلق الله فلما أعيد المقتدر إلى الخلافة بعد يومين أخذ القاضي أبو عمر الكتاب فسلمه إلى المقتدر من يده إلى يده وحلف له أنه ما رآه أحد من خلق الله غيري فحسن موقع ذلك من المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة‏.‏

ولما كان من غد بيعة القاهر وهو يوم الأحد جلس القاهر بالله وحضر الوزير أبو علي بن مقلة فكتب ابن مقلة إلى العمال بخبر تقليده الخلافة ثم شغب الجند يطلبون الأرزاق فلما كان يوم الاثنين اجتمعوا وطالبوا وهجموا فقتلوا نازوك وصاحوا‏:‏ مقتدر يا منصور فهرب الوزير والحجاب والحشم وجاء المقتدر فجلس وجيء بالقاهر إليه فأجلسه بين يديه واستدناه وقبل جبينه وقال‏:‏ يا أخي أنت لا ذنب لك وقد علمت أنك قهرت والقاهر يقول الله الله نفسي نفسي يا أمير المؤمنين‏.‏

فقال له‏:‏ وحق رسول الله لا جرى عليك مني سوء أبدًا وعاد ابن مقلة فكتب إلى الأماكن بخلافة المقتدر‏.‏

وفيها بذرق الحاج منصور الديلمي وسلموا في طريقهم فلما وصلوا إلى مكة وافاهم أبو طاهر الهجري إلى مكة يوم التروية فقتل الحاج في المسجد الحرام وفي الفجاج من مكة وقتلهم في البيت قتلًا ذريعًا وكان الناس في الطواف وهم يقتلون وكان في الجماعة علي بن بابويه يطوف فلما قطع الطواف ضربوه بالسيوف فلما وقع أنشد‏:‏ ترى المحبين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا واقتلع الهجري الحجر الأسود وقلع قبة بئر زمزم وعرى الكعبة وقلع باب البيت وأصعد رجلًا من أصحابه ليقلع الميزاب فتردى الرجل على رأسه ومات وقتل أمير مكة وأخذ أموال الناس وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن باقيهم في مصاعهم وفي المسجد الحرام من غير أن يصلى عليهم وانصرف إلى بلده وحمل معه الحجر الأسود فبقي عندهم أكثر من عشرين سنة إلى أن ردوه‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا علي بن المحسن عن أبيه قال‏:‏ حدثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش القاضي قال‏:‏ أخبرني بعض أصحابنا أنه كان بمكة في الوقت الذي دخلها أبو طاهر القرمطي ونهبها وسلب البيت وقلع الحجر الأسود والباب وقتل المسلمين في الطواف وفي المسجد وعمل تلك الأعمال العظيمة قال‏:‏ فرأيت رجلًا قد صعد البيت ليقلع الميزاب فلما صار عليه سقط فاندقت عنقه فقال القرمطي‏:‏ لا يصعد إليه أحد ودعوه فترك الميزاب ولم يقلع ثم سكنت الثائرة بعد يوم أو يومين قال‏:‏ فكنت أطوف بالبيت فإذا بقرمطي سكران وقد دخل المسجد بفرسه فصفر له حتى بال في الطواف وجرد سيفه ليضرب به من لحق وكنت قريبًا منه فعدوت فلحق رجلًا كان إلى جنبي فضربه فقتله ثم وقف وصاح‏:‏ يا حمير أليس قلتم في هذا البيت من دخله كان آمنًا فكيف يكون آمنًا وقد قتلته الساعة بحضرتكم‏.‏

قال‏:‏ فخشيت من الرد عليه أن يقتلني ثم طلبت الشهادة فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربي بالسيف ثم قلت‏:‏ اسمع قال‏:‏ قل‏:‏ قلت‏:‏ إن الله عز وجل لم يرد أن من دخله كان آمنًا إنما أراد من دخله فأمنوه وتوقعت أن يقتلني فلوى رأس فرسه وخرج من المسجد وما كلمني‏.‏

قال المحسن‏:‏ وحدثني أبو أحمد الحارثي قال‏:‏ أخبرني رجل من أصحاب الحديث أسرته القرامطة سنة الهبير واستعبدته سنين ثم هرب منها لما أمكنه قال‏:‏ كان يملكني رجل منهم يسومني سوء العذاب ويستخدمن أعظم خدمة ويعربد علي إذا سكر فسكر ليلة وأقامني حياله وقال‏:‏ ما تقول في محمد هذا صاحبكم فقلت‏:‏ لا أدري ولكن ما تعمني أيها المؤمن أقوله فقال‏:‏ كان رجلًا سائسًا قال‏:‏ فما تقول في أبي بكر قلت‏:‏ لا أدري ثال‏:‏ كان رجلًا ضعيفًا مهينًا قال‏:‏ فما تقول في عمر قلت‏:‏ لا أدري قال‏:‏ كان والله فظًا غليظًا فما تقول في عثمان قلت‏:‏ لا أدري قال‏:‏ كان جاهلًا أحمق فما تقول في علي قلت‏:‏ لا أدري قال‏:‏ كان ممخرقًا أليس يقول إن ها هنا علمًا لو أصبت له حملة أما كان في ذلك الخلق العظيم بحضرته من يودع كل واحد منهم كلمة حتى يفرغ ما عنده هل هذه إلا مخرقة ونام فلما كان من غد دعاني فقال‏:‏ ما قلت لك البارحة فأريته أني لم أفهمه فحذرني من إعادته والاخبار عنه بذلك فإذا القوم زنادقة لا يؤمنون بالله ولا يفكرون في أحد من الصحابة‏.‏

قال المحسن‏:‏ ويدل على هذا أن أبا طاهر القرمطي دخل الكوفة دفعات فما دخل إلى قبر علي عليه السلام واجتاز بالحائر فما زار الحسين‏.‏

وقد كانوا يمخرقون بالمهدي ويوهمون أنه صاحب المغرب ويراسلون إسماعيل بن محمد صاحب المهدية المقيم بالقيروان‏.‏

ومضت منهم سرية مع الحسين بن أبي منصور بن أبي سعيد في شوال سنة ستين وثلثمائة فدخلوا دمشق في ذي القعدة من هذه السنة فقتلوا خلقًا ثم خرجوا إلى مكة فقتلوا واستباحوا وأقاموا الدعوة للمطيع لله في كل فتح فتحوه وسودوا أعلامهم ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة وقالوا‏:‏ لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمي لاستقامت أمورنا وذلك أنه ترك المذاهب جانبًا وطلب الغلبة والملك فأطاعه الناس‏.‏

وكان من مخاريقهم قبة ينفرد فيها أميرهم وطائفة معه ولم يقاتلوا فإذا كل المقاتلون حمل هو بنفسه وتلك الطائفة على قوم قد كلوا من القتال وكانوا يقولون‏:‏ إن النصر ينزل من هذه القبة وقد جعلوا مدخنة وفحمًا فإذا أرادوا أن يحملوا صعد أحدهم إلى القبة وقدح وجعل النار في المجمرة وأخرج حب الكحل فطرحه على النار فتفرقع فرقعة شديدة ولا يكون له دخان وحملوا ولا يلبث لهم شيء ولا يوقد ذلك إلا أن يقول صاحب المعسكر‏:‏ نزل النصر فكسر تلك القبة أصحاب جوهر الذي ملك مصر‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص أبو عمرو الجبري شيخ نيسابور في عصره في الرياسة والعدالة والثروة والحديث سمع محمد بن رافع واسحاق بن منصور ومحمد بن يحيى وأبا زرعة وأبا حاتم في خلق كثير‏.‏

وتوفي لست خلون من ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

أحمد بن مهدي بن رستم‏:‏ أسند الحديث الكثير‏.‏

أنبأنا محمد بن أبي القاسم أخبرنا حمد بن أحمد أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني الحافظ قال‏:‏ سمعت أبا محمد بن حيان يقول‏:‏ كان أحمد بن مهدي ذال مال كثير نحو ثلثمائة ألف درهم فأنفقه كله على العلم وذكر أنه لم يعرف له فراش أربعين سنة‏.‏

وقال ابن حيان‏:‏ وسمعت أبا علي أحمد بن محمد بن إبراهيم يقول‏:‏ قال أحمد بن مهدي‏:‏ جاءتني امرأة ببغداد ليلة من الليالي فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة وقالت‏:‏ أسألك بالله أن تسترني فقلت‏:‏ وما محنتك قالت‏:‏ أكرهت على نفسي وأنا حبلى وذكرت للناس أنك زوجي وأن ما بي من الحبل منك فلا تفضحني استرني سترك الله عز وجل فسكت عنها ومضت فلم أشعر حتى وضعت وجاء امام المحلة في جماعة من الجيران يهنئوني بالولد فأظهرت لهم التهلل ووزنت في اليوم الثاني دينارين ودفعتهما إلى الإمام فقلت‏:‏ ادفع هذا إلى تلك المرأة لتنفقه على المولود فإنه سبق ما فرق بيني وبينها وكنت أدفع في كل شهر إليها دينارين على يد الإمام وأقول هذه نفقة المولود إلى أن أتى على ذلك سنتان ثم توفي المولود فجاءني الناس يعزونني فكنت أظهر لهم التسليم والرضا فجاءتني المرأة ليلة من الليالي بعد شهر ومعها تلك الدنانير التي كنت أبعث لها بيد الإمام فردتها وقالت‏:‏ سترك الله عز وجل كما سترتني فقلت‏:‏ هذه الدنانير كانت صلة مني للمولود وهي لك فاعملي فيها ما تريدين‏.‏

مولى بكر بن مضر بن النعمان يكنى أبا أحمد كان من الغزاة وله مواقف معروفة في الروم توفي في رجب هذه السنة‏.‏

بدر بن الهيثم بن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان أبو القاسم اللخمي القاضي الكوفي نزل بغداد وحدث بها عن أبي كريب وغيره روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وكان ثقة من المعمرين وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره أربعون سنة‏.‏

أنبأنا القزاز قال‏:‏ أنبأنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني الأزهري قال‏:‏ ذكر أبو الحسن الدارقطني‏:‏ أن بدر بن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة وكان نبيلًا وأدرك أبا نعيم الفضل بن دكين وما كتب عنه ودخل على علي بن عيسى الوزير فرفعه وقال له‏:‏ كم سن القاضي قال‏:‏ ما أدري كم سني ولكن قد كان بالكوفة أعجوبة فركبت مع أبي سنة خمس عشرة ومائتين وكان بين الركبتين مائة سنة‏.‏

توفي بدر في شوال هذه السنة وحمل إلى الكوفة فدفن بها‏.‏

جعفر بن عبد الله بن جعفر بن مجاشع أبو محمد الختلي حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر وأبو بكر بن شاذان وابن شاهين وكان ثقة وتوفي في هذه السنة‏.‏

جعفر بن محمد بن ابراهيم بن حبيب أبو بكر المعروف ابن أبي الصعة الصيدلاني حدث عن أبي موسى محمد بن المثني ومحمد بن منصور الطوسي ويعقوب الدورقي روى عنه ابن شاهين وكان ثقة‏.‏

وتوفي في هذه السنة‏.‏

عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع بغوي الأصل ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل‏:‏ سنة أربع عشرة في رمضان وهو أصح ورأى أبا عبيد ولم يسمع منه وسمع من يحيى بن معين جزءًا فأخذه منه موسى بن هارون فرماه في دجلة وقال‏:‏ أتريد أن تجمع في الرواية بين الثلاثة‏:‏ أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني‏.‏

وكان البغوي يقول‏:‏ أحصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيري فكانوا سبعة وثمانين شيخًا‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن عي بن ثابت الخطيب أخبرنا علي بن المحسن قال‏:‏ سمعت عمر بن أحمد الواعظ يقول‏:‏ سمعت عبد الله بن محمد البغوي يقول‏:‏ قرأت بخط جدي أحمد بن منيع‏:‏ ولد أبو القاسم ابن بنتي يوم الاثنين في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائتين وأول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني‏.‏

قال الخطيب‏:‏ وسمع البغوي علي بن الجعد وخلف بن هشام البزار ومحمد بن عبد الوهاب الحارثي وأبا الأحوص محمد بن حيان البغوي وعبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي وأبا نصر التمار وداود بن عمرو الضبي ويحيى بن عبد الحميد الحماني وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وحاجب بن الوليد ومحمد بن جعفر الوركاني وبشر بن الوليد القاضي ومحمد بن حسان السمتي ومحرز بن عون وهارون بن معروف وشيبان بن فروخ وسويد بن سعيد وأبا خيثمة زهير بن حرب في آخرين من أمثالهم‏.‏

روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد وعلي بن إسحاق المادرائي وعبد الباقي بن قانع وحبيب بن الحسن القزاز ومحمد بن عمر الجعابي وأبو بكر بن مالك القطيعي وعبد الله بن إبراهيم الزينبي وأبو حفص بن الزيات ومحمد بن المظفر وأبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن شاذان والدارقطني وابن شاهين وأبو حفص الكتاني وخلق سوى هؤلاء لا يحصون‏.‏

وكان ثقة ثبتًا مكثرًا فهمًا عارفًا‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال‏:‏ حدثني علي بن أحمد بن علي المؤدب حدثنا محمد بن إسحاق النهاوندي حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد قال‏:‏ لا يعرف في الإسلام محدث وازى عبد الله بن محمد البغوي في قدم السماع فإنه توفي في سنة سبع عشرة وثلثمائة وسمعناه يقول‏:‏ حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين ومائتين‏.‏

أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا الخطيب قال‏:‏ حدثني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي قال‏:‏ سمعت أبا محمد بن عبدان بن أحمد الخطيب ابن بنت أحمد بن عبدان الشيرازي يقول‏:‏ سمعت جدي يقول‏:‏ اجتاز أبو القاسم البغوي بنهر طابق على باب مسجد فسمع صوت مستمل فقال‏:‏ من هذا فقالوا‏:‏ ابن صاعد فقال ذاك الصبي فقالوا‏:‏ نعم قال والله لا أبرح من موضعي حتى أملي من ها هنا فصعد الدكة وجلس ورآه أصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد ثم قال‏:‏ حدثنا أحمد بن حنبل الشيباني قبل أن يولد المحدثون حدثنا طالوت بن عباد قبل أن يولد المحدثون حدثنا أبو نصر التمار قبل أن يولد المحدثون فأملى ستة عشر حديثًا عن ستة أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال‏:‏ حدثنا أبي قال‏:‏ حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك قال‏:‏ سألت موسى بن هارون عن أبي القاسم بن منيع فقال‏:‏ ثقة صدوق لو جاز لإنسان أن يقال له فوق الثقة لقيل له‏.‏

قلت له‏:‏ يا أبا عمران فإن هؤلاء يتكلمون فيه قال‏:‏ يحسدونه ابن منيع لا يقول إلا الحق‏.‏

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني علي بن محمد بن نصر قال‏:‏ سمعت حمزة بن يوسف يقول‏:‏ سمعت أبا الحسين محمد بن غسان يقول‏:‏ سمعت الأردبيلي يقول‏:‏ سئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم البغوي يدخل في الصحيح قال‏:‏ نعم قال حمزة‏:‏ سألت أبا بكر بن عبدان عن أبي القاسم البغوي قال‏:‏ لا شك أنه يدخل في الصحيح‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد حدثنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال‏:‏ سمعت الدارقطني يقول‏:‏ كان أبو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج‏.‏

قال مؤلف الكتاب‏:‏ هذا كلام العلماء الأثبات في البغوي وقد تكلم فيه أبو أحمد بن عدي بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده‏.‏

أخبرنا أبو منصور بن خيرون أخبرنا إسماعيل بن أبي الفضل الإسماعيل أخبرنا حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني قال‏:‏ كان أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وراقًا في ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت في مجلسه في ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم فيقرأ عليهم لفظًا وكان مجانهم يقولون‏:‏ في دار ابن منيع شجرة تحمل داود بن عمرو الضبي من كثرة ما يروي عنه وما علمت أن أحدًا حدث عن علي بن الجعد بأكثر مما حدث هو وسمعه القاسم المظرز يومًا يقول‏:‏ حدثنا عبيد الله العيشي فقال‏:‏ القاسم في حرام من يكذب‏.‏

فلما كبر وأسن ومات أصحاب الإسناد احتمله الناس واجتمعوا عليه ونفق عندهم ومع نفاقه واسناده كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه وحدث بأشياء أنكرت عليه وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف‏.‏

قال مؤلف الكتاب رحمه الله‏:‏ هذا كلام لا يخفى أنه صادر عن تعصب والوراقة لا تضره وقلة الجمع عليه لا تؤذيه وكلام المجان لا أثر له وقول المطرز خارج عن كلام أهل العلم وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على أن ابن صاعد قد سمع منه وأما الذي أنكر عليه فما عرفنا أحدًا أنكر عليه شيئًا قط إلا أنه سها مرة في حديث ثم أعلمهم أنه غلط وهذا لا عيب فيه أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي أخبرنا علي بن بقاء الوراق أخبرنا عبد الغني بن سعيد الأزدي قال‏:‏ سألت أبا بكر محمد بن علي النقاش تحفظ شيئًا مما أخذ على ابن بنت أحمد بن منيع فقال لي‏:‏ كان غلط في حديث عن محمد بن عبد الوهاب عن ابن شهاب عن أبي إسحاق الشيباني عن نافع عن ابن عمر فحدث به عن محمد بن عبد الوهاب وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ عن محمد بن عبد الوهاب فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على أصحاب الحديث وبلغ ذلك أبا القاسم ابن بنت أحمد ابن منيع فخرج إلينا يومًا فعرفنا أنه غلط فيه وأنه أراد أن يكتب حدثنا إبراهيم بن هانئ فمرت يده على العادة فرجع عنه قال أبو بكر‏:‏ ورأيت فيه الانكسار والغم وكان ثقة رحمه الله‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي الخطيب أخبرنا ابن رزق أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال‏:‏ توفي أبو القاسم بن منيع ليلة الفطر في سنة سبع عشرة وثلثمائة ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرًا‏.‏

قال الخطيب‏:‏ ودفن في مقبرة باب التبن‏.‏

قال المصنف‏:‏ ورأيت في بعض الروايا أنه مات وهو صحيح السمع والبصر والاسنان يطأ علي بن الحسن بن المغيرة أبو محمد الدقاق سمع إسحاق بن أبي إسرائيل روى عنه أبو بكر بن شاذان وكان ثقة مأمونًا‏.‏

توفي في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسين بن محمد بن عمار أبو الفضل المعروف ابن أبي سعد الهروي قدم بغداد فحدث بها عن محمد بن عبد الله الأنصاري روى عنه ابن المظفر وكان ثقة حافظًا‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ قرأت في كتاب أبي القاسم ابن الثلاج بخطه‏:‏ قتل أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن أبي الحسين مع أخيه في يوم الاثنين قبل التروية بيوم في المسجد الحرام قتلهما القرمطي ابن أبي سعيد الجنابي في السنة التي دخل القرمطي مكة سنة سبع عشرة وثلثمائة‏.‏

محمد بن زبان بن حبيب أبو بكر الحضرمي ولد سنة خمس وعشرين ومائتين وحدث عن حرملة بن يحيى وغيره وكان رجلًا صالحًا ثقة نبيلًا ثبتًا متقللًا فقيرًا لا يقبل من أحد شيئًا‏.‏

توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة رحمه الله‏.‏

 ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه هبت ريح من المغرب في آذار حملت رملًا أحمر يشبه رمل الصاغة فامتلأت منه أسواق بغداد الجانبين وسطوحها ومنازلها وقيل‏:‏ أنه من جبلي زرود‏.‏

وفيها‏:‏ قبض المقتدر على أبي علي ابن مقلة وكانت مدة وزارته سنتين وأربعة أشهر وثلاثة أيام واستوزر سليمان بن الحسن بن مخلد وجعل علي بن عيسى ناظرًا معه‏.‏

وفي جمادى الأولى‏:‏ احترقت دار أبي علي ابن مقلة التي في وجه الزاهر وكان قد أنفق عيها مائة ألف دينار وانتهب الناس الخشب والرصاص والحديد‏.‏

وفيها حج بالناس عبد السميع بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي وخرجوا بخفارة وبذرقة‏.‏

إبراهيم بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مطرف بن محمد بن علي أبو إسحاق الاستراباذي سمع من أبي خليفة وأبي يعلى الموصلي وغيرهما وكان ثقة فقيهًا فاضلًا ثبتًا وتوفي في هذه السنة وهو شاب‏.‏

أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو جعفر التنوخي أنباري الأصل ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين وسمع أباه وإبراهيم بن سعيد الجوهري ومؤمل بن إهاب وأبا سعيد الأشج وأبا هشام الرفاعي وخلقًا كثيرًا وكان عنده عن أبي كريب حديث واحد‏.‏

روى عنه الدارقطني وغيره‏.‏

وكان ثقة فقيهًا على مذهب أبي حنيفة قيمًا بالنحو على مذهب الكوفيين فصيح العبارة كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير وكان شاعرًا فصيحًا لسنًا ورعًا متخشنًا في القضاء بيته بيت العلم حمل الناس العلم عن أبيه وجده وعنه وعن ابنه محمد وعن ابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق‏.‏

ولي أبو جعفر قضاء الأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله في سنة ست وسبعين ومائتين ثم تقلده للمعتضد ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفي في سنة اثنتين وتسعين ومئتين ولم يخرج إليها ثم قلده المقتدر في سنة ست وتسعين ومائتين بعد فتنه ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربل ومسكن والأنبار وطريق الفرات وهيت ثم أضاف إليه بعد سنين القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع وما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلثمائة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا علي بن أبي علي عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق قال‏:‏ حدثني القاضي أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول قال‏:‏ كنت مع أبي في جنازة وإلى جانبه أبو جعفر الطبري فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسليه وينشده أشعارًا ويروي له أخبارًا فداخله الطبري في ذلك وذنب معه ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة وخرجا إلى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون وتعالى النهار وافترقنا فقال لي أبي‏:‏ يا بني تعرف هذا الشيخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة من هو فقلت‏:‏ هذا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري فقال‏:‏ إنا لله ما أحسنت عشرتي يا بني فقلت‏:‏ كيف قال‏:‏ ألا قلت لي فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلم وما ذاكرته بحسنها قال‏:‏ ومضت على هذا مدة فحضرنا في جنازة أخرى فإذا بالطبري فقلت له أيها القاضي هذا الطبري قد جاء فأومأ إليه بالجلوس عنده فجلس إلى جنبه وأخذ أبي يجايه فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتًا فيقول له أبي هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها فيتلعثم الطبري فينشدها أبي إلى آخرها وكل ما ذكر شيئًا من السير قال أبي‏:‏ هذا كان في قصة فلان ويوم بني فلان مر فيه يا أبا جعفر فربما مرور بما تلعثم فمر أبي في جميعه فما سكت أبي يومه ذلك إلى الظهر وقد بان للحاضرين تقصير الطبري عنه ثم قمنا فقال لي أبي‏:‏ الآن شفيت صدري‏.‏

أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز قال‏:‏ أنبأنا علي بن أبي علي التنوخي عن أبيه قال‏:‏ حدثني القاضي أبو الحسين علي بن محمد بن أبي جعفر بن البهلول قال‏:‏ طلبت السيدة أم المقتدر بالله من جدي كتاب وقف بضيعة كانت ابتاعتها وكان كتاب الوقف مخزونًا في ديوان القضاء وأرادت أخذه لتحرقه وتتملك الوقف ولم يعلم الجد بذلك فحمله إلى الدار وقال للقهرمانة‏:‏ قد أحضرت الكتاب فأيش ترسم فقالوا نريد أن يكون عندنا فأحسن بالأمر فقال لأم موسى القهرمانة‏:‏ تقولين لأم المقتدر السيدة‏:‏ اتقي الله هذا والله ما لا طريق إليه أبدًا أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم فإن مكنتموني من خزنه كما يجب وإلا فاصرفوني وتسلموا الديوان دفعة واحدة فاعملوا فيه ما شئتم وأما أن يفعل شيء من هذا على يدي فوالله لا كان ذلك أبدًا ولو عرضت على السيف ونهض والكتاب معه وجاء إلى طياره وهو لا يشك في الصرف فصعد إلى ابن الفرات وحدثه بالحديث فقال له‏:‏ ألا دافعت عن الجواب وعرفتني حتى أكتب وأملي في ذلك والآن أنت مصروف فلا حيلة لي مع السيدة في أمرك قال‏:‏ وأدت القهرمانة الرسالة إلى السيدة فشكت إلى المقتدر فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر شفاهًا في ذلك فكشف له الصورة وقال له مثل ذلك القول والاستعفاء فقال له المقتدر‏:‏ مثلك يا أحمد من قلد القضاء أقم على ما أنت عليه‏:‏ بارك الله فيك ولا تخف أنت ينثلم محلك عندنا قال‏:‏ فلما عاودت السيدة قال لها المقتدر الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به وابن البهلول مأمون علينا محب لدولتنا ولو كان هذا شيئًا يجوز لما منعتك إياه فقالت السيدة‏:‏ كأن هذا لا يجوز فقال لها‏:‏ لا هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه وأعلمها كاتبها ابن عبد الحميد شرح الأمر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف وان هذا لا يحل فارتجعت المال وفسخت الشراء وعادت تشكر جدي وانقلب ذلك أمرًا جميلًا عندهم فقال جدي بعد ذلك‏:‏ من قدم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم‏.‏

توفي أو جعفر ابن البهلول في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

إسماعيل بن سعدان بن يزيد أبو معمر البزاز وتوفي في شهر جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

إسحاق بن محمد بن مروان أبو العباس الغزال كوفي حدث عن أبيه روى عنه ابن المظفر وقال الدارقطني‏:‏ لا يحتج بحديثه‏.‏

توفي في هذه السنة‏.‏

جعفر بن محمد بن يعقوب أبو الفضل الصندلي سمع من علي بن حرب وغيره روى عنه ابن حيويه والقواس وكان ثقة صالحًا دينًا سكن باب الشعير وكان يقال‏:‏ إنه من الأبدال‏.‏

توفي في صفر هذه السنة‏.‏

عبد الله بن أحمد بن عتاب أبو محمد العبدي حدث عن أحمد بن منصور الرمادي‏.‏

روى عنه ابن حيويه وابن شاهين وكان ثقة‏.‏

توفي في محرم هذه السنة‏.‏

عبد الله بن جعفر بن أحمد بن خشيش سمع يعقوب الدورقي روى عنه الدارقطني وقال‏:‏ هو ثقة

توفي في جمادى الأولى من هذه السنة‏.‏

عبد الملك بن أحمد بن نصر بن سعيد أبو الحسين الخياط سمع يعقوب الدورقي ومحمود بن خداش ويونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المصريين روى عنه إسماعيل الخطبي وابن شاهين وكان ثقة‏.‏

توفي في شهر رجب من هذه السنة‏.‏

عبد الواحد بن محمد بن المهتدي بالله أبو أحمد الهاشمي سمع يحيى بن أبي طالب‏.‏

روى عنه الدارقطني وابن شاهين وكان راهب بني هاشم صلاحًا ودينًا وورعًا‏.‏

توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع بن مالك أبو الطيب اللخمي الكوفي ولد سنة أربعين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن أبي سعيد الأشج وغيره روى عنه ابن المظفر وابن شاذان وابن شاهين والكتاني وكان ثقة يفهم وقد روى ابن عقدة عن الحضرمي أنه قال‏:‏ هو كذاب وهذا ليس بصحيح‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني الصوري قال‏:‏ أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن الحسين اللخمي ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وكان ممن يطلب للشهادة فيأبى ذلك‏.‏

وتوفي في هذه السنة وقد قيل توفي سنة عشر وثلثمائة‏.‏

محمد بن الحسين بن سعيد بن أبان أبو جعفر الهمذاني ويعرف بالطنان قدم بغداد وحدث بها عن أحمد بن محمد بن رشدي المصري روى عنه الدارقطني وقال‏:‏ هو ثقة وقال بعض الحفاظ‏:‏ ليس بالمرضي‏.‏

توفي في هذه السنة‏.‏

يحيى بن محمد بن صاعد أبو محمد مولى أبي جعفر المنصور ولد سنة ثمان وعرين ومائتين ورحل في طلب الحديث إلى البلاد وكتب وحفظ وسمع لوينًا وأحمد بن منيع وبندارًا ومحمد بن المثنى والبخاري وخلقًا كثيرًا وأول ما كتب الحديث عن الحسن بن عيسى بن ماسرجس سنة تسع وثلاثين روى عنه من الأكابر عبد الله بن محمد البغوي والجعابي وابن المظفر وابن حيويه والدارقطني وابن شاهين وكان ثقة مأمونًا من كبار حفاظ الحديث وممن عني به وله تصانيف في السنن تدل على فقهه وفهمه‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي قال‏:‏ سمعت شيخًا من أصحاب الحديث حسن الهيئة لا أحفظ اسمه يقول‏:‏ حضر رجل عند يحيى بن صاعد ليقرأ عليه شيئًا من حديثه وكان معه جزء عن أبي القاسم البغوي عن جماعة من شيوخه فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ إلى سماعه ثم قال له بعد‏:‏ أيها الشيخ إني غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك إنما هو من حديث أبي القاسم البغوي فقال له يحيى‏:‏ ما قرأته علي هو سماعي من الشيوخ الذين قرأته عنهم ثم قام فأخرج أصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذي هو مكتوب في الجزء عنه‏.‏

توفي يحيى في ذي القعدة من هذه السنة وله تسعون سنة ودفن في باب الكوفة‏.‏

 ثم دخلت سنة تسع عشرة وثلثمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه قدم مؤنس يوم الخميس لعشر خلون من صفر بالحاج من مكة سالمين وسر لناس بتمام الحج وانفتاح الطريق وتلقوه بأنواع الزينة وضربوا له القباب وكان مؤنس قد بلغه في انصرافه من مكة ارجاف بقصد أبي طاهر الهجري طريق الجادة فعدل بالقافلة عنه فتاه في البرية ووجد فيها آثارًا عجيبة وعظامًا مفرطة في الكبر وصور الناس من حجارة وحمل بعضها إلى الحضرة وحدث بعض من كن معه أنه رأى امرأة قائمة على تنور وهي من حجر والخبز الذي في التنور من حجر وقيل‏:‏ هي بلاد عاد وقيل‏:‏ ثمود‏:‏ وفيها قبض على سليمان بن الحسن الوزير وكانت مدة وزارته سنة وشهرين وتسعة أيام ثم استوزر المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد المكلواذي ثم عزل وكانت وزارته شهرين وثلاثة أيام ثم استوزر الحسين بن القاسم ثم عزل‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أسلم بن عبد العزيز بن هاشم بن خالد أبو الجعد جعفر بن محمد بن المغلس

أبي القاسم حدث عن حوثرة بن محمد المنقري وأبي سعيد الأشج روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وأبو حفص الكتاني وكان ثقة‏.‏

وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد أبو بكر الشاعر المعروف بابن العلاف حدث عن أبي عمر الدوري وغيره روى عنه ابن شاهين وابن حيويه وغيرهما‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ حدثنا علي بن أبي المعدل قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن أبي بكر الشاعر قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ كنت ذات ليلة في دار المعتضد وقد أطلنا الجلوس بحضرته ثم نهضنا إلى مجلسنا من حجرة كانت مرسومة بالندماء فلما أخذنا مضاجعنا وهدأت العيون أحسسنا بفتح الأبواب والأقفال بسرعة فارتاعت الجماعة لذلك وجلسنا في فرشنا فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد فقال‏:‏ إن أمير المؤمنين يقول لكم أرقت الليلة بعد انصرافكم فقلت‏:‏ وقد ارتج علي تمامه فأجيزوه ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت له جائزته وفي الجماعة كل شاعر مجيد مذكور وأديب فاضل مشهور فأفحمت الجماعة وأطالوا الفكر فقلت مبتدرًا‏:‏ فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي لعل خيالًا طارقًا سيعود فرجع الخادم إليه بهذا الجواب ثم عاد إلي فقال‏:‏ أمير المؤمنين يقول لك‏:‏ أحسنت وما قصرت وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده وقد أمر لك بجائزة وها هي فأخذتها وازداد غيظ الجماعة مني توفي الحسن بن علي في هذه السنة وقيل‏:‏ في سنة ثمان عشرة عن مائة سنة‏.‏

الحسن بن علي بن زكريا بن صالح بن عاصم بن زفر أبو سعيد العدوي البصري ولد سنة عشر ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن مسدد وهدبة وطاولت وكامل بن طلحة وغيرهم‏.‏

روى عنه الدارقطني والكتاني وكان واضعًا للحديث‏.‏

توفي في هذه السنة‏.‏

الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن أبو عبد الله الأنطاكي قاضي ثغور الشام المعروف ابن الصابوني قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه أبو بكر الشافعي والدارقطني وابن شاهين عبد الله بن أحمد بن محمود أبو القاسم البلخي من متكلمي المعتزلة البغداديين صنف في الكلام كتبًا كثيرة وأقام ببغداد مدة طويلة وانتشرت بها كتبه ثم عاد إلى بلخ فأقام بها إلى أن توفي في شعبان هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن ثابت بن أحمد بن خازم أبو الحسن الحريري مولى بني تميم كوفي الأصل‏.‏

حدث عن أبي سعيد الأشج روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان محدثًا كثير الحديث ثقة فهمًا‏.‏

وتوفي في هذه السنة‏.‏

علي بن الحسين بن حرب بن عيسى المعروف ابن حربويه القاضي سمع الحسن بن عرفة وغيره‏.‏

وروى عنه ابن حيويه وابن شاهين وكان ثقة عالمًا أمينًا‏.‏

أخبرنا عبد اللاحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي حدثنا الصوري أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور حدثنا أبو سعيد بن يونس قال‏:‏ علي بن الحسين بن حرب قاضي مصر يكنى أبا عبيد قدم مصر على القضاء وأقام بها دهرًا طويلًا وكان شيئًا عجيبًا ما رأينا مثله قبله ولا بعده وكان يتفقه على مذهب أبي ثور وعزل عن القضاء سنة إحدى عشرة وثلثمائة وكان سبب عزله أنه كتب يستعفي من القضاء ووجه رسولًا إلى بغداد يسأل في عزله وكان قد أغلق بابه وامتنع من أن يقضي بين الناس فكتب بعزله وأعفي فحدث حين جاء عزله فكتب عنه ورجع إلى بغداد وكانت وفاته ببغداد وكان ثقة ثبتًا‏.‏

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال أخبرنا البرقاني قال‏:‏ ذكرت لأبي الحسن الدارقطني أبا عبيد ابن حربويه فذكر من جلالته وفضله وقال‏:‏ حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح ولعله مات قبله بعشرين سنة‏.‏

توفي أبو عبيد في صفر هذه السنة وصلى عليه أبو سعيد الاصطخري ودفن في داره‏.‏

محمد بن إبراهيم بن نيروز أبو بكر الأنماطي سمع عمرو بن علي ومحمد بن المثنى وغيرهما

روى عنه أبو بكر الشافعي وابن المظفر والدارقطني وغيرهم وذكره يوسف القواس في جملة شيوخه الثقات‏.‏

وتوفي في هذه السنة وقيل في السنة التي قبلها‏.‏

أبو كثير الشيباني البصري قدم بغداد وحدث بها عن يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان

روى عنه ابن المظفر وابن حيويه وابن شاهين‏.‏وكان ثقة‏.‏

محمد بن الفضل بن العباس أبو عبد الله البلخي أخبرنا عمر بن ظفر أخبرنا جعفر بن أحمد حدثنا عبد العزيز بن علي أخبرنا ابن جهضم قال‏:‏ حدثني علي بن محمد قال‏:‏ سمعت إبراهيم الخواص يقول‏:‏ قال لي محمد بن الفضل‏:‏ ما خطوت أربعين سنة خطوة لغير الله عز وجل وما نظرت أربعين سنة في شيء استحسنته حياء من الله عز وجل وما أمليت على ملكي ثلاثين سنة شيئًا ولو فعلت ذلك لاستحييت منهما‏.‏

أسند محمد عن قتيبة وصحب ابن خضرويه وانتقل إلى سمرقند فمات بها في هذه السنة‏.‏

محمد بن سعد أبو الحسين الوراق صاحب أبي عثمان النيسابوري وكان له علم بالشريعة وكان يتكلم في دقائق علوم المعاملات‏.‏

أخبرنا ابن ناصر قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن خلف قال‏:‏ حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال‏:‏ أبو الحسين الوراق‏:‏ من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدي به إلى طريق مرضاته‏.‏

قال السلمي‏:‏ توفي أبو الحسين الوراق قبل العشرين والثلثمائة‏.‏

يحيى بن عبد الله بن موسى أبو زكريا الفارسي كتب بمصر عن الربيع صاحب الشافعي وحدث وكان ثقة صدوقًا حسن الصلاة شهد عند القضاة‏.‏

وتوفي بمصر في هذه السنة‏.‏